#الدّولةُ_و_السَّدّْ :

عبد الله بوزاري اعلامي و كاتب صحفي

كلّمنا و كتبنا كثيرا عن الفساد العمودي في أعلى الرأس ،و تكلّمنا و كتبنا كثيرا عن الفساد الأفقي في أخمص القدمين ، و بين هذا و ذاك ، إقتصادُ دولةٍ قارب أن ينتكبَ ،و مواطن صالح يئنّ وجعا ، و مواطن طالح مفسد مشارك منغمس مستفيد من ذلك !

لافتَةٌ (بالنسبة لي) هاته الصّحوة الّتي وضعت اليد على أحد أخطر و أبشع ما يُسَوّدُ صورة الدّولة تحتًا ، حملة إنهاء مهام رؤساء الدّوائر و البلديات اليوم يجبُ أن تتوسّع في جميع الولايات و الإدارات ، و أن تكون مربوطةً بالمحاسبة و كشف نتائجها للرأي العام ، مع الحزم في معايير الإستخلاف في التعيينات (منصب رئيس الدائرة و الوالي) ، في انتظار قانون الإنتخاب الجديد الذي من المنتظر أن يضع حدّا لمسؤولي السدّ من المُنتَخَبين !

لا ريب أنّ “الصحوة ” هاته ، أثارت مجدّدا و بشكل واسع أنّ هناك قوّة ما “اعتادت” الوقوف وجها لوجه أمام القرارات الفوقيّة ، إذ تتمّ عرقلتها و تنتهي القصّة برضوخ المسؤول في الأعلى لمنطقها خوفا أو ارتباكا أو حتّى تواطئًا كما كان يجري في السابق ، و في حالات اخرى تنتهي القصّة بالرّضوخ (قصّة الوزير بختي بلعايب رحمة الله عليه) .

منطقُ #السَّدّْ و تكتيكهُ يقضي بأن ينصهِرَ مع خطّة #الدولة في مشروعٍ ما(سكن ، طريق، مستشفى ، غاز، …) في بدايته، حيث تحضر الكاميرات و الوفد الرسمي ببهرجته و طيح و نوض ، و يتمّ إعطاء ما يسمّى ب”إشارة الإنطلاق” ، فينطلق المشروع لثوانٍ و ربّما لدقائق أو سويعات أو أياّم و في أحسن الحالات شهورا ، هنا “يتدخّل” السدّ ب “خبرته” في العرقلة و الإبتزاز و نسْفِ المشروع ، معلنًا قضاءه على “إشارة الإنطلاق” ، و سيطرته التّامة على الوضع !!!

نعم هذا هو السّدّ الذي يقف منيعا حائلا دون استمتاع المواطن بحقّه و بخيرات بلاده ، هوّ السدّ الذي ينهب و يسرق و يعطّل حصولك على الوثائق ، هو السدّ الذي “ينتظر” الصّيف ليقطع الماء و يحرق الغابات ، و يتحيّن ليلة عيد الأضحى ليضحّي بالحنفية ، هو السّدّ الذي يدوّخك في الإدارات العامّة فتندم ندما شديدا أنّك نويت استخراج الوثائق دون عناءٍ و تعب و روح و ارواح ، قانون السّدِّ هنا هو الواسطة أو المعلوم من عُمْلتِه !

هو السّدّ الذي “درس السّوق” جيّدا ، إذْ يعرف كيف يحوّل المناسبات السعيدة إلى محزنة و بائسة ، حيث “يُبْدِعُ” السّدّ في مازوشيّته حين يهدي الشيوخ و العجزة من المتقاعدين هديّة العيد ، حين يُحْدِثُ ندرةً في السّيولة ، فيُرْدِي معنويات الشّعب أرضًا ، حين يتركُ آلاف السّكنات المنجزة التي “يفوته أن يعطّل إنجازَها” خاويةً دون تسليم ، و حين يختلق آلاف المشاكل لتعطيل إنجاز أخرى ، هو السّدّ الذّي “يستمتع” بعشرات الألوف من المحلّات فارغة وكرا لمختلف الآفات ، و “يتعفّفُ” عن منحها لألوف الشّباب ممّن سحقهم الفراغ و نهشت جسدهم البطالة .

هذه فقط حكايات فصلٍ من فصول السّدّ ، نتمنّى أن يُوضعَ حدّ لها .

ملاحظة: هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن الجيريان إكسبرس

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق
%d مدونون معجبون بهذه: