إندبندنت: الربيع العربي فشل.. لكن الغضب من البؤس والظلم مستمر
يرى الكاتب أن بعض الأنظمة أحكمت قبضتها على السلطة وباتت أكثر قسوة وقمعا من ذي قبل، وحل العنف والفوضى والتدخل العسكري الأجنبي محل الأنظمة التي سقطت
نشرت صحيفة إندبندنت (The Independent) البريطانية مقالا للصحفي الأيرلندي باتريك كوكبيرن يسلط الضوء على مآلات ثورات الربيع العربي، ويحاول الوقوف على أسباب فشلها، واستشراف مستقبل الاحتجاجات التي تشهدها بعض الدول العربية اليوم، في ضوء العبر التي استخلصتها الشعوب من تلك الثورات.
ويرى المقال أن أكبر دافع للتغيير في العالم العربي -الذي دمرته الحروب وسوء الحكم- هو الاضطهاد والبؤس والظلم الذي ثارت شعوب المنطقة ضده قبل عقد من الزمن، وقد أصبح اليوم أسوأ مما كان عليه من قبل، كما تنامى غضب الشعوب إزاءه.
يذكِّر الكاتب بأن الشعوب في دول عديدة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا انتفضت احتجاجًا على حكامها مطالبة بالحرية والديمقراطية.
وقد أسفرت تلك الثورات عن الإطاحة ببعض الحكام المستبدين، كما هددت بانتزاع السلطة من قبضة آخرين في شتى أنحاء المنطقة، حيث خرج ملايين المتظاهرين في الشوارع يهتفون “الشعب يريد إسقاط النظام”.
كما يرى أن توق تلك الشعوب للعيش في ظل الحرية والعدالة الاجتماعية لم يكن زائفا، فقد آمنت أعداد غفيرة من المحرومين لمدة لم تطل أن بإمكانها الإطاحة بالدكتاتوريات جمهورية كانت أم ملكية.
بيدَ أن الظروف لم تكن في صالح تلك الثورات، فقد كانت أسس الظلم التي حاولت جموع المتظاهرين تدميرها أقوى مما كانت تأمله، وكان الحلم بغد أفضل الذي كانوا ينشدونه خلال الربيع العربي يتبدد بوحشية تحت معاول الثورة المضادة التي شنتها الأنظمة القديمة.
لقد أحكمت بعض تلك الأنظمة قبضتها على السلطة، وباتت أكثر قسوة وقمعا من ذي قبل، وحل العنف والفوضى والتدخل العسكري الأجنبي محل الأنظمة التي سقطت.
ولا تزال الحروب الأهلية تمزق 3 من الدول الست التي كان للربيع العربي التأثير الأكبر فيها، هي ليبيا وسوريا واليمن. وقد أصبح عنف وقمع الدولة أسوأ بكثير مما كان عليه قبل الثورة في اثنتين من تلك الدول، هما مصر والبحرين. ولم ينج من ثنائي الاستبداد أو الفوضى سوى تونس، رغم الفشل الكبير في توفير حياة أفضل للشعب التونسي.
ويقول الكاتب إن حكام المنطقة استخدموا السجن الجماعي والتعذيب والإعدامات وسائل لسحق الثورة. ولم يقتصر ذلك القمع على البلدان التي اندلعت فيها ثورات الربيع العربي، بل انتشر في شتى أنحاء المنطقة، حيث سعى الحكام المرعوبون إلى القضاء على كل مؤشر للمعارضة تحسبا لأي عمل قد يشكل تهديدًا لأنظمتهم في المستقبل.
ويتساءل الكاتب: هل كان بإمكان الربيع العربي النجاح رغم تلك الصعاب؟ ويرى أن السؤال يكتسي أهمية كبيرة اليوم حيث إن (أشكال) الاضطهاد الذي تمارسه الأنظمة، التي توصف بـ “آلات النهب” التي تعمل لصالح نخبة صغيرة من الشعب، لا يقل عما كان عليه الاضطهاد الذي ثارت الشعوب ضده عام 2011.
كما يتساءل عما إذا كانت الآمال بتحقيق الحرية السياسية التي عانقت الشعوب قبل عقد من الزمن مجرد سراب، وهل هي محض سراب اليوم؟ فقد اندلعت أعمال احتجاج واسعة النطاق وطويلة الأمد، شبيهة بتلك التي شهدناها خلال الربيع العربي، في كل من العراق ولبنان عام 2019 وما زالت مستمرة.
ويرى الصحفي الأيرلندي أن الاضطهاد والبؤس والظلم عوامل أشعلت الثورة قبل عقد من الزمن، وقد أصبحت اليوم أسوأ مما كانت عليه كما هو حال غضب الشعوب إزاءها.
وختم المقال بالقول: رغم أن الظروف لم تكن في صالح نجاح ثورات الربيع العربي التي اندلعت قبل عقد من الزمن، فإن الاحتجاجات الشعبية اليوم يمكنها التعلم من أخطاء الماضي.
المصدر : إندبندنت