1.3 مليار جنيه للتصالح مع رموز مبارك.. وناشطون يتساءلون: إذا كانت هذه غرامة فما حجم الفساد؟
أعلنت النيابة العامة المصرية توقيع تسوية وتصالح مع وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان ورجل الأعمال مجدي راسخ، صهر الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك ووالد زوجة علاء مبارك، في عدد من قضايا التربح والإضرار العمد بالمال العام مقابل ما يزيد عن مليار وثلاثمئة مليون جنيه مصري، وهو ما أثار جدلا كبيرا على مواقع التواصل وتساؤلات عن حجم الفساد في هذه القضايا.
وأعلنت “اللجنة القومية لاسترداد الأموال والأصول والموجودات في الخارج” التي يرأسها النائب العام المصري حمادة الصاوي، في بيان رسمي توقيع عقد تسوية وتصالح في الطلبين المُقدمين إليها من المتهميْن محمد إبراهيم محمد سليمان ومحمد مجدي حسين راسخ للتصالح عن الاتهامات المنسوبة إليهما في بعض من القضايا.
وحسب اللجنة، فقد بلغ إجمالي ما دفعه المتهمان لصالح خزينة الدولة مليارا و316 مليون جنيه مصري (الدولار يساوي نحو 16 جنيها).
مبلغ التصالح الكبير أثار موجة من ردود الأفعال على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، حيث تعجّب أغلب المتابعين من حجم الفساد في عهد مبارك والذي ينتج عنه هذا المبلغ الكبير في قضية تصالح واحدة، في حين اعتبر البعض أن قيمة التصالح وإن بدت كبيرة فإنها لا تغطي ولو جزء صغير من حجم الأراضي التي حصل عليها المتهمان دون وجه حق.
التصالح أيضا أعاد للواجهة الحديث عن فساد رموز حكم الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، حيث قدر البعض حجم فسادهم المثبت في قضايا رسمية بما يزيد عن 50 مليار جنيه، تم سداد أغلبها في قضايا التصالح، لتخرج هذه الرموز حرة طليقة بعد أن نجحت ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 في كشف فسادهم وإنهاء 30 عاما من حكم مبارك ونظامه.
وضمت قائمة “المتصالحين” الذين دفعوا غرامات وقاموا بتسوية قضاياهم مع الدولة، كلا من حسين الجمال صهر مبارك الآخر (والد زوجة جمال مبارك)، ومنير ثابت شقيق سوزان مبارك زوجة الرئيس الأسبق، إضافة إلى أقرب مساعدي مبارك ورموز نظامه مثل فتحي سرور الذي كان رئيسا سابقا لمجلس الشعب، وزكريا عزمي رئيس ديوان الرئاسة الأسبق، وأحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق، علاوة على الوزراء السابقين صفوت الشريف ويوسف والي وأنس الفقي وزهير جرانة ورشيد محمد رشيد، فضلا عن كبار رجال الأعمال المقربين من مبارك مثل أحمد عز وحسين سالم وسليمان عامر وغيرهم.
واعترض العديد من ناشطي مواقع التواصل على مبدأ التصالح مع رموز الفساد في عصر الرئيس مبارك وإطلاق سراحهم، في وقت يقبع فيه رموز ثورة يناير التي كشفت فسادهم، وكذلك وزراء ومستشارو الرئيس محمد مرسي الذي كان أول رئيس مدني منتخب بعد ثورة يناير، في السجون منذ سنوات طويلة دون تهم حقيقية.
وكان لافتا أن علاء مبارك ابن الرئيس المصري الراحل وزوج ابنة مجدي راسخ، نال نصيب الأسد من التفاعلات حول القضية، خاصة بعد تلاسنه الشهير قبل أيام مع الصحفي والنائب مصطفى بكري بشأن تزييف التاريخ، حيث وجه عدد من رواد موقع التغريدات القصيرة تويتر رسائل مباشرة إلى علاء مبارك حول فساد والد زوجته، ودار بينه وبين بعضهم سجال بشأن القضية.
يذكر أن علاء مبارك نفسه خرج من السجن هو ووالده وشقيقه جمال عقب إدانتهم بالاستيلاء على المال العام في القضية الشهيرة باسم “قضية القصور الرئاسية”، المعاقبين فيها بحكم نهائي بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات، وتغريمهم متضامنين مبلغ 125 مليونا و779 ألف جنيه، وإلزامهم برد 21 مليونا و197 ألفا إثر ثبوت استيلائهم على 125 مليون جنيه من ميزانية مؤسسة رئاسة الجمهورية، والتزوير في محررات رسمية.
مليارات بالجملة
كانت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار عبد السلام يونس قد أصدرت حكمها في ديسمبر/كانون الأول 2016 بمعاقبة وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان بالسجن المشدد 3 سنوات وإلزامه برد مبلغ مليار و64 مليون جنيه في إعادة محاكمته في القضية المعروفة إعلاميا بـ”سوديك”.
كما حكمت المحكمة بالسجن 5 سنوات على محمد مجدي حسين راسخ رئيس مجلس إدارة شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار “سوديك” في القضية ذاتها.
ورغم ضخامة المبلغ، فإنه لا يعد الأكبر في قضايا تصالح رموز نظام مبارك التي يتصدرها تصالح أمين لجنة السياسات في الحزب الوطني المنحل أحمد عز، الذي سدد نحو 13 مليار جنيه في قضيتين منفصلتين، الأولى هي الاستيلاء على المال العام، والإضرار العمدي بأموال شركة “حديد الدخيلة” التي تم التصالح فيها بسداد نحو 6 مليارات جنيه، والثانية جريمة غسيل أموال وقيمتها 6 مليارات و429 مليونا و37 ألف جنيه والمتحصلة من جرائم الاستيلاء والتربح من المال العام.
بخلاف عز هناك حسين سالم، أحد أكثر رجال الأعمال المقربين من الرئيس الراحل، والذي تنازل وأسرته عن 21 أصلا من الأصول المملوكة لهم لصالح الدولة بقيمة تزيد على 5 مليارات جنيه وتمثّل -حسب ما ذكرت الصحافة المحلية- 75% من إجمالي ممتلكاتهم داخل مصر وخارجها والتي قدرت وقتها بأكثر من 7 مليارات جنيه.
المصدر: الجزيرة.نت