كوفيد-19 يشل الاقتصاد العالمي وتراجع النمو الأميركي للمرة الأولى منذ عشرة اعوام
تراجع النمو الاميركي في شكل كبير للمرة الاولى منذ عشرة اعوام بسبب ازمة فيروس كورونا، ما يبرر سعي الدول التي بدأت برفع تدابير الاغلاق الى تحريك العجلة الاقتصادية، من دون ان ينفي ذلك خطر انتشار الوباء مجددا.
واصاب وباء كوفيد-19 حتى الان 3,1 ملايين شخص في العالم واودى باكثر من 217 الف شخص رغم الاغلاق الذي فرض في نصف انحاء العالم، وفق حصيلة تستند الى معطيات رسمية.
وفي ما يبدو تذكيرا بالخطر الذي يشكله الوباء، فان إصابة اطفال في دول اوروبية عدة بالتهاب خطير يشبه متلازمة كاوازاكي، تثير مزيدا من القلق لان المرض قد يكون مرتبطا بفيروس كورونا.
وبدأ الامر في انكلترا خلال نهاية الاسبوع، ثم سجلت بضع حالات مماثلة في فرنسا والولايات المتحدة واسبانيا وبلجيكا.
ولا تزال الولايات المتحدة البلد الاكثر تضررا بالوباء مع تشخيص اكثر من مليون اصابة وتسجيل 58 الفا و351 وفاة، ما يتجاوز عدد العسكريين الاميركيين الذين قضوا في فيتنام.
وفي اوروبا، اسفر الوباء عن وفاة اكثر من 130 الف شخص، 75 في المئة منهم في ايطاليا (27 الفا و359) واسبانيا (24 الفا و275) وفرنسا (23 الفا و660) والمملكة المتحدة (21 الفا و678).
لا نزال في البداية
وفي ما يتجاوز المأساة الانسانية، فان المؤشرات الاقتصادية المتدهورة تتوالى مؤكدة التأثير الدراماتيكي للوباء على اقتصاد العالم.
فبعد عشرة اعوام من النمو المتواصل، اعلنت الولايات المتحدة الاربعاء تراجع اجمالي ناتجها المحلي بنسبة 4,8 في المئة مدى عام في الربع الاول من 2020، وفق تقديرات اولية لوزارة التجارة، علما بان اكثر من 26 مليون شخص باتوا عاطلين من العمل في الاسابيع الخمسة الاخيرة.
وهذا التراجع لاجمالي الناتج المحلي هو الاكبر منذ الربع الاخير من 2008 حين كانت الولايات المتحدة تعيش ذروة الازمة المالية.
وفي السياق نفسه، توقعت الحكومة الالمانية اسوأ انكماش منذ 1970 مع تراجع لاجمالي الناتج المحلي بنسبة 6,3 في المئة هذا العام، وفق ما اعلن وزير الاقتصاد بيتر التماير الاربعاء. واضاف “سنشهد اسوأ انكماش في تاريخ الجمهورية الالمانية”.
اما النقل الجوي العالمي فسجل في اذار/مارس اقوى تراجع في تاريخه الحديث مع انحدار بنسبة 52,9 في المئة مقارنة بالعام الفائت، وفق ما اعلنت المنظمة الدولية للنقل الجوي (اياتا) الاربعاء.
وعلق المدير العام لاياتا الكسندر دو جونياك في بيان ان “اذار/مارس كان شهرا كارثيا على الطيران. الطلب كان في مستوى العام 2006، لكن عدد الاساطيل والموظفين هو ضعف” ما كان عليه.
من جهتها، اكدت شركة بوينغ انها ستستغني عن نحو عشرة في المئة من موظفيها بهدف التوفير.
واوضح المدير العام لبوينغ ديفيد كالهون ان هذا الامر سيتم عبر برنامج استقالات طوعية او غير طوعية في قسم الطيران المدني الذي مقره في شمال غرب الولايات المتحدة، ولكن من دون ان يدلي بارقام. وتوظف بوينغ نحو 160 الف شخص في العالم.
وكانت سبقتها الى ذلك شركات عدة مثل بريتش ايرويز وساس الاسكندينافية وايسلندير.
وكشفت مجموعة ايرباص الاربعاء خسارة بقيمة 481 مليون دولار في الربع الاول من العام. واذ تحدث عن “اخطر ازمة واجهتها صناعة الطيران”، نبه رئيس المجموعة غيوم فوري الى “اننا لا نزال في البداية”.
ونبهت منظمة العمل الدولية الأربعاء الى أن 75 في المئة من العمال غير المسجلين في مؤسسات أو الذين يعملون في ما يسمى ب”الاقتصاد غير الرسمي”، ويقارب عددهم 1,6 مليار شخص في العالم، قد يخسرون مصدر رزقهم في الربع الثاني من هذا العام بسبب وباء كوفيد-19.
لا مفر منه
في هذا الوقت، باشرت العديد من الدول الاوروبية اجراءات رفع العزل التدريجية رغم خطورة انتشار موجة ثانية من الوباء. وبعد النمسا والمانيا والنروج والدنمارك، اعلنت بولندا الاربعاء اعادة فتح دور الحضانة والفنادق والمراكز التجارية.
وفي فرنسا، قال وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير الاربعاء ان “معاودة النشاط امر لا مفر منه (…) علينا العودة الى العمل”، وذلك غداة تبني الجمعية الوطنية خطة لرفع العزل.
وكان رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب حازماً الثلاثاء بالتأكيد أنه “ما لم تكن المؤشرات متوافرة، فلن نبدأ الخروج من العزل في 11 أيار/مايو”، تفادياً لموجة إصابات جديدة بالفيروس.
في إسبانيا، تقضي خارطة الطريق التي أقرتها الحكومة برفع العزل اعتبارا من 9 أيار/مايو على “مراحل” تستمر حتى “أواخر حزيران/يونيو”، استناداً إلى مسار تطور الوباء. لكن المدارس تبقى مغلقة حتى أيلول/سبتمبر، رغم السماح للأطفال بالخروج منذ الأحد.
ولن تفتح المدارس في إيطاليا أيضاً قبل أيلول/سبتمبر. وتفرض روما ترتيبات حازمة لبدء الخروج من العزل اعتباراً من 4 أيار/مايو، فالتجمعات ستبقى ممنوعة، والتنقل بين المناطق كذلك، وسيكون ارتداء القناع إلزامياً في وسائل النقل العام.
في الأثناء، أعلنت الصين، مهد الوباء، الأربعاء أن الدورة السنوية للبرلمان التي تحمل أهمية كبرى في النظام الشيوعي، ستفتتح في 22 أيار/مايو.
ويفترض أن يكون الحدث الذي يجمع نحو ثلاثة آلاف نائب في قصر الشعب في بكين، مناسبة لإعلان الرئيس شي جينبينغ انتصار بلاده على فيروس كورونا المستجد، في وقت يواجه فيه انتقادات للتأخر بإبلاغ العالم عن مدى خطورته.